شاهد تفاصيل حدوث البراكين
تشهد الأرض الآن نشاطًا بركانيًّا ملحوظًا.. وهذا يستدعي للذهن صور الموت المنتشر والخراب والضياع والتشرد، وتلف الزراعات وزوال المدن والقرى إلى آخر المشاهدات المختزنة عن البراكين، لكن الدكتور زغلول النجار العالم الجيولوجي يقول: "كل الظواهر الأرضية والكونية لها فوائد مباشرة وغير مباشرة".
كيف؟ يجيب بأن البراكين رغم ما يصحبها من أخطار تجدد إثراء الغلاف الصخري للأرض بالثروات المعدنية، وينبثق من فوهاتها كميات هائلة من بخار الماء، والعديد من الغازات التي تجدد غلاف الأرض المائي، وتجدد تركيب غلافها الغازي؛ فالزلازل والبراكين والحركات البانية للجبال -على الرغم من أخطارها والأخطار المصاحبة لها- تلعب أدوارًا أساسية في إعادة ضبط الظروف العامة للأرض، وإثرائها بما تحتاجه من ثروات معدنية ومائية وغازات.
طبعا كلام مجمل ومفيد على قلته ويحتاج شرحه لصفحات، لكنه مكتشف من فترة؛ أي قديم نسبيا، أما الجديد فهو المفاجأة؛ فقد طلع علينا عالم بريطاني يزعم أن ما تقذفه البراكين من غازات ورماد يلطف الجو أو بعبارة أدق يبرد الغلاف الجوي لكوكب الأرض!.
ربما قال قائل: وهذا أيضا قديم نسبيا، فقد اكتشف منذ وقت قريب أن الانفجارات البركانية الكبيرة تبرد الأرض لمدة تصل لعامين؛ لأن الرماد والكيماويات المندفعة من فوهات البراكين للهواء تكون سحبا ضخمة ممتدة لمساحات شاسعة مترامية تسبح في الجو وتعكس أشعة الشمس مرة أخرى للفضاء، ومن ثم يخصم ذلك سلبا من حرارة الكوكب الذي ابتلي بنشاط إنساني زاد من حرارته.
ميثان البراكين.. يبرد الأرض
بركان بإندونيسيا بدأ ثورته 27 إبريل 2006
هذا أيضا صحيح، لكن الجديد لم يكن في المعلومة ذاتها بل في تفاصيلها، حيث اكتشف عالمنا أن البراكين تبرد كوكبنا بخفض كميات البكتيريا المنتجة لغاز الميثان.
ما علاقة هذا بتبريد الكوكب؟ العلاقة سهلة ويفسرها الجيوفيزيائي البريطاني فينسيت جواتسي بأن البراكين تقذف بكميات ضخمة من غاز ثاني أكسيد الكبريت وهذا يبرد جو الأرض بشكل غير مباشر، فهذا الغاز عندما يمتزج بماء الأمطار تتكون مركبات كبريتية تنعش وتزيد كمية البكتيريا التي تتغذى على الكبريت خاصة في الأراضي الرطبة، وهذا يسمح بدوره بزيادة نموها بشكل يفوق نمو البكتيريا المنتجة لغاز الميثان.
أي إن هذا النمو للبكتيريا المستهلكة للكبريت يكون على حساب نمو البكتيريا المنتجة للميثان، وبالتالي تقل كميات الميثان في الغلاف الجوي، وهنا تتضح العلاقة، فكلنا يعرف أن من أهم أسباب الاحتباس الحراري غازات الصوبة الزراعية Greenhouse gases، والشائع أن غاز ثاني أكسيد الكربون هو المتهم الأول بين هذه الغازات المتسببة في احتباس الحرارة داخل الأرض.
فالذي يحدث أن أشعة الشمس تنفذ من خلال غلالات غازات الصوبة إلى الأرض بطول موجي قصير يمكنها من اختراق الغازات، وعندما يرتد بعض هذه الأشعة الحارة من الأرض مرة أخرى للفضاء تحبسها الغازات؛ لأن الطول الموجي للأشعة يطول ومن ثم تضعف ولا تستطيع النفاذ منه للفضاء، ومن هنا تتراكم الحرارة متزايدة داخل الغلاف الجوي وتحتبس في الأرض.
لكن نقول تصويبا للشائع: إن غاز ثاني أكسيد الكربون ليس أخطر غازات الصوبة الزراعية؛ بل أخطرها وأشدها أثرا وتأثيرا في احتباس الحرارة داخل الأرض هو غاز الميثان.